نتناول في عرض الصحف اليوم اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وتداعياته على حزب الله وإيران وإسرائيل، وتساؤلات عما إذا كان سيصمد أم سينهار، وعن تأثيره على الرهائن الإسرائيليين في غزة.
نبدأ من هآرتس ومقال لحسين إبيش بعنوان “إيران وحزب الله خسرتا، ولكن إسرائيل لم تنتصر”. ويقول الكاتب إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله يعني أن الحرب في لبنان انتهت على الأرجح، وأنه “من المؤكد أن حزب الله ورعاته الإيرانيين هم الخاسرون”.
ولكنه يستطرد قائلا إن هذا لا يعني أن إسرائيل انتصرت بأي معنى ذي أهمية، حيث قيل للشعب الإسرائيلي إن البلاد خاضت الحرب من أجل الأمن، وسوف يقال له الآن إن الأمن قد تعزز إلى حد كبير، وأن الردع قد استعاد، وأن توازن القوى في المنطقة قد تم تصحيحه، على حد تعبير الكاتب.
ويردف قائلا، “إن كل هذا سراب، فالإسرائيليون لم يحصلوا على الأمن، بل على وهم الأمن. ولم يتم حل أي من الأسباب الأساسية للصراع بأي حال من الأحوال”.
ويرى الكاتب أن الشعب الإسرائيلي مقتنع بلا شك بأن البلاد خاضت الحرب من أجل ضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى ديارهم في سلام وأمان. والواقع أن الناس على جانبي الحدود سوف يعودون إلى ديارهم أخيراً، وهو أمر طيب بكل تأكيد. ولكن الإسرائيليين بحاجة إلى التفكير في الأسباب الحقيقية التي دفعت قيادتهم إلى تصعيد الصراع مع حزب الله في كل مرحلة تقريباً منذ ارتكب “المسلحون اللبنانيون الخطأ الفادح” المتمثل في التظاهر بالانضمام إلى حرب ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويرى صاحب المقال أن حزب الله ورعاته الإيرانيين لم يكونوا راغبين في حرب مع إسرائيل بسبب حماس أو غزة. فهم يدركون أن حماس بالنسبة لهم حليف “غير موثوق به” في الأساس، فهي جماعة “أصولية سنية من جماعة الإخوان المسلمين” لا تتناسب عضوياً مع شبكة “محور المقاومة” الشيعية المؤيدة لإيران بالكامل تقريباً والتي تتألف من جماعات ميليشيات عربية متحالفة مع طهران.
ويعتبر الكاتب أن حماس انفصلت تماماً عن طهران وشبكتها العربية بسبب الحرب في سوريا، عندما كانت جماعة الإخوان المسلمين السورية عنصرا رئيسياً في المراحل الأولى من الانتفاضة ضد بشار الأسد. واضطرت حماس إلى الاختيار بين “زواج المصلحة “مع إيران وأذرعها العرب بقيادة حزب الله من ناحية، وهويتها “الأصولية السنية” من ناحية أخرى. ويقول إن حماس اختارت هويتها، واضطرت قيادة المكتب السياسي للجماعة إلى “الفرار” من دمشق بحثاً عن الأمان النسبي ولكن بعيداً عن كل ما يجري في معقلها في غزة، حسب المقال.
ويختم الكاتب قوله إن حزب الله وإيران لم يكن لديهما أي مصلحة في المخاطرة بكل شيء من أجل غزة، فهي منطقة غير مهمة نسبياً ولا تتمتع بأهمية ثقافية أو تاريخية أو دينية أو استراتيجية خاصة بالنسبة لإيران أو حزب اللهً، حسب رأيه.
“وقف إطلاق نار ضروري”
وننتقل إلى افتتاحية صحيفة الفاينانشال تايمز، التي جاءت بعنوان “وقف إطلاق نار تشتد الحاجة إليه في ركن من أركان الشرق الأوسط”
وتقول الصحيفة إنه بعد أكثر من عام من الموت والدمار في الشرق الأوسط، حانت أخيراً لحظة من الأمل، ففي الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي يوم الأربعاء، دخل وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، حيز التنفيذ لوقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
وترى الصحيفة أن الاتفاق، الذي ينص على انسحاب حزب الله من الحدود الجنوبية للبنان، وانسحاب القوات الإسرائيلية وإنهاء حملة القصف المتواصلة، هش وسوف يواجه اختبارات لا حصر لها.
وتقول الصحيفة إن مسؤولية ضمان التزام حزب الله بالشروط على عاتق الحكومة اللبنانية وجيشها وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي لم تكن أي منها في الماضي قادرة أو راغبة في كبح جماح الحزب. وتضيف أن مسؤولية ضمان التزام إسرائيل بالشروط على عاتق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، الذي سوف يضطر إلى احتواء حلفائه من اليمين المتطرف وتجنب شن هجمات أخرى تحت أي ذريعة.
وورد في الافتتاحية أن من مصلحة جميع الأطراف أن يستمر وقف إطلاق النار بعد فترة الستين يوماً الأولية، حيث تلقى حزب الله أشد الضربات منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن العشرين، وتسببت الهجمات الإسرائيلية في دمار واسع في جميع أنحاء لبنان، وخاصة في المناطق الشيعية التي يستمد حزب الله دعمه منها. وتقول إن القصف الإسرائيلي قتل أكثر من 3700 شخص وأجبرت 1.2 مليون آخرين، أي ما يقرب من ربع سكان لبنان، على النزوح من منازلهم.
وبالنسبة لإسرائيل، بحسب الصحيفة، فإن وقف إطلاق النار المستدام يعني أن 60 ألف شخص نزحوا بسبب صواريخ حزب الله سيكونون قادرين على العودة إلى ديارهم، ونهاية القصف اليومي عبر الحدود. يمكن لنتنياهو أن يزعم أنه أضعف بشدة أحد أعداء إسرائيل الأكثر قوة، حيث وجه ضربات ساحقة ليس فقط لحزب الله ولكن أيضًا لراعيته، إيران.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من ذلك، فإن الشرق الأوسط بعيد كل البعد عن السلام. لقد أوضح نتنياهو أن إسرائيل، بغطاء من الولايات المتحدة، سوف تضرب إذا ما قررت أن حزب الله يشكل تهديداً، وقال إن وقف إطلاق النار لا يعني أنه لن يستأنف الحرب، مؤكدا أن الهدنة سوف تمكن إسرائيل من التركيز على “التهديد الإيراني”، في حين تسمح للجيش بتجديد مخزوناته.
وترى الصحيفة أن لبنان يخرج من الحرب ممزقاً، ودولة منهارة، وأي محاولة من جانب حزب الله لتعزيز ترسانته المتبقية لن تضع البلاد في خطر الهجوم الإسرائيلي فحسب، بل وسوف تعمل أيضاً على تعميق التوترات الداخلية مع المجتمعات الإسلامية والمسيحية الأخرى في توازن طائفي “يزداد حساسية”.
وبحسب المقال، فإن الطبقة السياسية في لبنان لابد أن تبدأ في بناء دولة أقوى من حطام الحرب. ويبدأ ذلك بانتخاب رئيس جديد في بلد ظل بلا رئيس لمدة عامين، وحكومة قادرة على استعادة ثقة المانحين الحذرين الذين تشتد الحاجة إلى أموالهم لإعادة الإعمار.
آمال إطلاق سراح الرهائن
وننتقل إلى صحيفة واشنطن بوست، وتقرير لشيرا روبين بعنوان “بعد وقف إطلاق النار في لبنان، تأمل العائلات الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن”
وتقول الكاتبة إنه عندما تعهد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأن يتبع وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان هذا الأسبوع دفعة جديدة من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة، حاول جوناثان ديكل تشين جهدا كبيرا في عدم رفع سقف آماله وتوقعاته.
وقال ديكل تشين، الذي احتجز مسلحو حماس ابنه ساغي ونحو 250 إسرائيليا آخرين من جنوب إسرائيل إلى غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: “أحاول تجنب التفاؤل “.
وتضيف أن ديكل تشين وأعضاء ست عائلات أخرى من الرهائن الأمريكيين اتقوا في جلسات ماراثونية مع ممثلي إدارة بايدن، بما في ذلك مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومع شركاء الرئيس المنتخب دونالد ترامب لمحاولة إيصال رسالة أن كل لحظة تمر على أبنائهم وذويهم في غزة قد تعني الموت.
وتضيف الكاتبة أنه “لا يزال أكثر من 100 شخص أسير في غزة؛ ويعتقد أن العشرات ما زالوا على قيد الحياة”.
وقالت أسر الرهائن الأمريكيين إنهم “شجعوا” الاتفاق اللبناني، وفي بيان، قالوا إنهم يخططون للاحتفال بعيد الشكر في الولايات المتحدة، مع وجود مقعد شاغر على المائدة، للتذكير بذويهم المحتجزين.
المصدر : بي بي سي