لماذا تحررت حلب الآن؟

الهواجس والتحديات

سيسجل التاريخ يوم الجمعة 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 يومًا هامًا في تاريخ سوريا والإقليم والأمة العربية والإسلامية، كيف لا وفيه تحررت حلب، عاصمة سوريا الاقتصادية وأكبر مدينة فيها، والتي تعرضت لخنق شديد منذ استيلاء عائلة الأسد على السلطة عام 1970.

يطرح الجميع سؤالًا مهمًا: لماذا تحررت حلب وكيف؟ وما هي الهواجس والتحديات؟

أولًا: لماذا تحررت حلب؟

  1. تحرير حلب ضروري لإعادة التوازن في طرح القضية السورية بعد أن شعر الأسد أن الأمور دانت له، وعاد إلى الانخراط النسبي عربيًا وإسلاميًا.
  2. تحرير حلب ضروري لعودة طرح الحل السياسي بجدية وليس مجرد شعارات؛ حيث تمثل حلب ربع سكان سوريا، وثلث الاقتصاد السوري. خروجها من سيطرة النظام يجعله مرتبكًا أمام السوريين كافة، وخاصة حاضنته، إذ إنه غير قادر على حكم سوريا رغم سيطرته النسبية عليها بعد عام 2020، مما يجعل التفكير بحلٍ لمعضلة استئثار عائلة الأسد بالسلطة ضرورة ملحة.
  3. تحرير حلب يكشف هشاشة محور إيران الذي تغلغل في سوريا وشكل دولة مستقلة داخلها، بل أصبح يتحكم في مفاصل الدولة السورية الهشة؛ بسبب ضعف الأسد وعدم امتلاكه القدرة على الحكم.
  4. تحول سوريا إلى دولة تسيطر عليها مكونات ما دون الدولة، يجعل تحرير حلب منطلقًا لفكرة إعادة بناء دولة وفق ضوابط سياسية تتماشى مع القانون الدولي ومعايير الأمم المتحدة.
  5. انشغال روسيا بغزوها أوكرانيا أدى إلى تراجع أولوية دعم الأسد.
  6. استياء روسيا وحتى إيران من ألاعيب الأسد بعد تواصله مع الدول العربية.
  7. شعور تركيا بأن مفاوضات أستانا لم تعد مجدية رغم كل محاولاتها مد يد القيادة التركية تجاه الأسد.
  8. عدم ممانعة أميركا، ويستدل على ذلك بعدم القيام بأي تحرك استباقي أو تحذير، كما تفعل عادة في مناطق أخرى مثل شمال شرق سوريا.
مقال ذو صلة  دونالد ترامب.. صخب "العائد" الذي يشغل أميركا والعالم | أخبار

ثانيًا: كيف تحررت؟

  1. امتلاك إدارة العمليات العسكرية الفكرة والتحضير والخطط المناسبة منذ مدة ليست بالقصيرة.
  2. اختيار غرفة العمليات التوقيت المناسب بعد إصابة مليشيات إيران وحزب الله بحالة انهزام نفسي ومعنوي.
  3. امتلاك الثوار رغبة شديدة في تحقيق إنجاز بعد توقف طويل عن تحقيق الانتصارات، مما جعلهم متعطشين لتحقيق الانتصارات من جديد.
  4. شعور النظام بالأمان النسبي وعدم وجود تهديد حقيقي تجاهه منذ اتفاقية خفض التصعيد عام 2020، مما جعله يقوم بتسريح المجندين الاحتياط.
  5. ترهل جيش الأسد بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وتوقف حالات السلب والنهب التي اعتاش عليها منذ التدخل الروسي عام 2016.
  6. عدم الانسجام بين مليشيات النظام والمليشيات الإيرانية، التي أصبحت تتعامل معهم باستعلاء مما أفقدهم الرغبة في القتال إلى جانبها.
  7. عنصر المفاجأة، خاصة في اليوم الأول وسيطرة الثوار على مواقع إستراتيجية، مع عدم توقع النظام استهداف حلب.

أهم الهواجس

  • الانفلات الأمني والسرقات، خاصة أن مدينة حلب تمتلك ثروات وبنوكًا ومصانع وآثارًا.
  • فرض نموذج قيمي لم يعتد عليه الحلبيون، حيث تتميز حلب بالانفتاح وتواجد مكونات عديدة، مثل: المسيحيين، والأرمن، والماردل، والأكراد.
  • الانتقام، حيث يتواجد في حلب فئات مؤيدة بقوة للثورة وآخرون معادون بقوة من الشبيحة الذين عاثوا فسادًا خلال الفترة السابقة.

التحديات

  1. تعقيد الحوكمة بانضمام حلب، إذ توجد داخلها مؤسسات مركزية: (صوامع الحبوب، إكثار البذار، الأقطان، السكك الحديدية، المصرف المركزي).
  2. إعادة تدوير العجلة الاقتصادية، حيث أصبح عدد السكان بانضمام حلب يقارب نصف سكان سوريا الحاليين.
  3. تأمين الخدمات الأساسية، مثل: الكهرباء، والمياه، والصحة، والتعليم، والمواد الأساسية.
  4. الأمن، حيث يتطلب انضمام هذا التجمع الكبير عددًا ومساحةً جهاز شرطة وقضاء محترفًا للتغلب على هذا التحدي الكبير.
  5. الافتقار إلى الموارد البشرية المدربة بسبب هجرة عدد كبير منها خلال الأعوام السابقة.
  6. الهجرة العائدة، إذ تمثل عودة أعداد كبيرة من أهالي حلب تحديًا ليس سهلًا، خاصة أن العديد من العائلات قامت بإسكان أقاربها من المناطق الشرقية الذين دمرت مساكنهم؛ بسبب النظام والروس.
  7. الهجرة المعاكسة تمثل تحديًا حقيقيًا، خاصة بشقيها؛ القطاع الخاص ورجال الأعمال، والقطاع العام، إذا لم يتم استيعاب الموظفين ذوي الخبرة في إدارة الدولة في ظل رواتب متناهية في الصغر.
  8. تأمين الموارد الخاصة بإدارة الدولة والمؤسسات.
  9. التمثيل السياسي للمناطق المحررة، إذ لم يعد ممكنًا تمثيل الائتلاف لها سياسيًا أو الانخراط في الحل السياسي.
  10. إقناع المجتمع الدولي بعدم تطرفها وأنها تمتلك خطابًا سياسيًا رصينًا.
مقال ذو صلة  تسريبات جديدة لإيتمار بن غفير

ختامًا

سوريا والمنطقة أمام منعطف هام يتطلب تعاونًا إقليميًا وعربيًا ودوليًا يساهم في فرض الاستقرار في المنطقة، ويعيد إيران إلى حدودها بعد أن تمددت وساهمت في خلق الفتن وتدمير سوريا، ولبنان، والعراق. فهل يكون تاريخ تحرير حلب موعدًا مع إعادة كتابة حضارة المنطقة من جديد؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

المصدر : الجزيرة

أضف تعليق